بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار، أما بعد:
أحببت أن أنقل لكم مختصرا من أدلة حكم السعي بين الصفا والمروة من كتاب (من أحكام العمرة) للشيخ/ فريح بن صالح البهلال حفظه الله
وقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
(ركن - واجب - مستحب)
وقد اعتمد بعض أهل العلم على حديث: "إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا"
وهو حديث ضعيف، قد ضعفه الشيخ البهلال في كتابه ص 190، والشيخ عبد الله بن
عبد العزيز الجبرين في تحقيقه لكتاب عمدة الفقه ص 745، والشيخ عبد العزيز
الطريفي في رسالة له في الحج، والحديث وإن صار حسنا لغيره بالمتابعات
-جدلا- فهو معارض لظاهر الآية "ومن تطوع خيرا"، والأصل في النصوص العمل
بظاهرها كما هو معلوم عند أهل العلم، ثم إن "كتب" تأتي بمعانٍ غير فرض
وهي: (شرع- حكم- رخص...)، فعند المعارضة يجب أن يتأول الحديث على غير
ظاهر؛ حتى يجمع بينه وبين الآية، والحديث يتأول لأنه غير صحيح، أو لأنه
ليس بدرجة عالية من الصحة، حتى يقدم على الآية،. فتبقى أدلة أخرى من
الأوامر مثل: (خذوا عني مناسككم) أو حديث (أحلوا من إحرامكم بطواف البيت
وبين الصفا والمروة وقصروا).
فهذه الأوامر مصروفة بظاهر الآية (تطوع)، وأما عن قول عائشة رضي الله عنها
فإنها كانت تقول لعروة: (لو كانت كما تقول لكانت "فلا جنح عليه ألا يطوف
بهما" وهذه القراءة علمها الصحابة، وهي لم تعلمها، والحجة لمن علم. وهي
لها حكم المرفوع.
وأدلة أخرى كسبب النزول وغيرها سأعرضها لكم لتنظروا فيها ولتعلموا أن
أدلتهم قوية؛ فلذلك توقف الشيخ فريح البهلال حفظه الله بين الوجوب
والاستحباب ص229 - 230 - 313
وأما العلماء الذين قالوا بالاستحباب فهم كالآتي:
وإليكم خلاصة الأدلة في حكم استحباب السعي بين الصفا والمروة:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار، أما بعد:
أحببت أن أنقل لكم مختصرا من أدلة حكم السعي بين الصفا والمروة من كتاب (من أحكام العمرة) للشيخ/ فريح بن صالح البهلال حفظه الله
وقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
(ركن - واجب - مستحب)
وقد اعتمد بعض أهل العلم على حديث: "إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا"
وهو حديث ضعيف، قد ضعفه الشيخ البهلال في كتابه ص 190، والشيخ عبد الله بن
عبد العزيز الجبرين في تحقيقه لكتاب عمدة الفقه ص 745، والشيخ عبد العزيز
الطريفي في رسالة له في الحج، والحديث وإن صار حسنا لغيره بالمتابعات
-جدلا- فهو معارض لظاهر الآية "ومن تطوع خيرا"، والأصل في النصوص العمل
بظاهرها كما هو معلوم عند أهل العلم، ثم إن "كتب" تأتي بمعانٍ غير فرض
وهي: (شرع- حكم- رخص...)، فعند المعارضة يجب أن يتأول الحديث على غير
ظاهر؛ حتى يجمع بينه وبين الآية، والحديث يتأول لأنه غير صحيح، أو لأنه
ليس بدرجة عالية من الصحة، حتى يقدم على الآية،. فتبقى أدلة أخرى من
الأوامر مثل: (خذوا عني مناسككم) أو حديث (أحلوا من إحرامكم بطواف البيت
وبين الصفا والمروة وقصروا).
فهذه الأوامر مصروفة بظاهر الآية (تطوع)، وأما عن قول عائشة رضي الله عنها
فإنها كانت تقول لعروة: (لو كانت كما تقول لكانت "فلا جنح عليه ألا يطوف
بهما" وهذه القراءة علمها الصحابة، وهي لم تعلمها، والحجة لمن علم. وهي
لها حكم المرفوع.
وأدلة أخرى كسبب النزول وغيرها سأعرضها لكم لتنظروا فيها ولتعلموا أن
أدلتهم قوية؛ فلذلك توقف الشيخ فريح البهلال حفظه الله بين الوجوب
والاستحباب ص229 - 230 - 313
وأما العلماء الذين قالوا بالاستحباب فهم كالآتي:
ابن عباس، وابن مسعود،وأبي بن كعب،وأنس بن مالك، وعبد الله بن الزبير
وعروة بن الزبير، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو مجلز، ومجاهد،
وعطاء، ورواية عن الإمام أحمد، ورواية معلقة عن الشافعي، وقول إسحاق بن
راهوية، أبي حيان الأندلسي، وبدر العيني، ومحمد بن قصاب الكرجي.
وإليكم خلاصة الأدلة في حكم استحباب السعي بين الصفا والمروة:
الدليل الأول:العمل والاستسلام لظاهر الآية ﴿فمن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم﴾
والتي هي امتداد مرتبط بسياق الآية السابقة كما كانوا يقرؤنها الصحابة الثلاثة( فلا جناح عليه أن لايطوف بهما ..﴾(1).
قال ابن القيم: إذا سئل - المفتي- عن تفسير آية من كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله فليس له أن يخرجها عن ظاهرها ......(2)
وقال ابن القيم: ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه؛ فإنه يتضمن
الحكم والدليل مع البيان التام،فهو حكم مضمون له الصواب،متضمن للدليل عليه
في أحسن بيان، وقوله الفقيه المعين ليس كذلك.(3)
وقال ابن عثيمين: العمل بالظاهرواجب إلا بدليل يصرفه عن ظاهره لأن هذه
طريقة السلف ولأنه أحوط وأبرأ للذمة وأقوى في التعبد والإنقياد.[الأصول من
علم الأصول ص43]
وكلمة (التطوع ) الأصل فيها الندب والتخيير،فلا يجوز صرفها عن ظاهرها إلا بحجة قوية. (4)
الدليل الثاني :قراءة الصحابة الأربعة وهم ابن عباس وابن مسعود وأبي بن
كعب وأنس بن مالك قراءة تفسيرية﴿ فلا جناح عليه أن لايطوف بهما ..﴾ وهذه
القراءة لها حكم الرفع إلى النبي وهي لاشك مقدمة على قول عائشة رضي الله
عنها مع انهم يقرؤون ماكانت تريد وقراءتهم لم تكن من آرائهم إنما كان
حكمها مرفوعا إلى النبي فتعتبر زيادة في العلم حيث انهم علموا مالم تعلم
عائشة رضي الله عنها.
قال ابن قدامة: وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ ، لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَنَسٍ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَابْنِ سِيرِينَ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
{ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } وَنَفْيُ الْحَرَجِ
عَنْ فَاعِلِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ ، فَإِنَّ هَذَا رُتْبَةُ
الْمُبَاحِ ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ سُنِّيَّتُهُ بِقَوْلِهِ : مِنْ شَعَائِر
اللَّهِ .وَرُوِيَ أَنَّ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ : (
فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا ).(1)
وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا فَلَا يَنْحَطُّ عَنْ رُتْبَةِ
الْخَبَرِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَرْوِيَانِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ ذُو عَدَدٍ لَا يَتَعَلَّقُ
بِالْبَيْتِ ، فَلَمْ يَكُنْ رُكْنًا كَالرَّمْيِ .
و قال ابن كثير:.....لأنه قد روي عن أبي بن كعب وغيره أنهم كانوا
يقرأونها"فصيام ثلاثة أيام متتابعات " - إلى أن قال – وهذه إذا لم يثبت
كونها قرآنا متواترا،فلا أقل أن يكون خبر الواحد، أو تفسيرا من الصحابة ،
وهو في حكم المرفوع .(2)
وقال أبو عبيدالقاسم بن سلام :
ماجاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسناد والروايات التي
يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس ،فإنما أراد أهل العلم منها أن
يستشهدوا بها على تأويل مابين اللوحين،وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم
وجوهه.....فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن، وقد يروى
مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك ،فكيف إذا روي عن كتاب
أصحاب محمد ثم صار في نفس القراءة؟
فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى،وأدنى مايستنبط من علم هذه الحروف معرفة صحة التأويل.(3)
الدليل الثالث: الشريعة الغراء لاتخالف القياس الصحيح، فحكم الصفا والمروة مشابه لحكم التمتع بالحج (4)
وانظر لكتاب قواعد التفسير لخالد السبت 1/90-93 وذكر مصادر كثيرة في الحاشية.
وذهب طائفة إلى قراءة الآحاد منهم إلى أنها حجة وهو مذهب الحنفية والمشهور
عن أحمد،وقول في مذهب الشافعي [انظر لإتحاف أولي البصائر للنملة
2/307-308وشرح الروضة للطوفي2/25]
كان سبب النزول أن الصحابة كانوا متحرجين بالطواف بين الصفا والمروة لأن
أهل الجاهلية كانوا يطوفون حول الأصنام ،وعذرهم أيضا أن الله لم يذكر شيئا
حول فضل الصفا والمروة في كتابه ،ولكي يزول الشك نزلت هذه الآية مطمئنة
لهم ،وتأكيدا بأنهما من شعائر الله ولاحرج عليكم بطوافهما ولكم الأجر إن
تطوعتم بطوافهما وكان الله لكم شاكر عليم. فالشارع حكيم بعباده مطلع وعليم
مابنفوسهم حيث أنه علم أن الناس كانوا متحرجين من الطواف وكارهين التشبه
بالمشركين لم يوجب عليهم الطواف ولم ينفرهم من دينه السمح ،بل أمرهم أمرا
تخييرا وجعله تطوعا حتى لايشق على نفوسهم.
ونظير هذه المسألة التمتع في أشهر الحج حيث أن الصحابة كانوا يروون أن
العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، كنظرتهم في الطواف للصفا
والمروة أنهما من أمور الجاهلية.
وعندما علم رسول الله أن هذا الاعتقاد منتشرا فيما بينهم ،أمرهم أن
يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم ،فقالوا: يارسول الله أي الحل؟ قال:الحل
كله.(1)
وفي رواية:فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة،فكبر ذلك علينا،وضاقت
به صدورنا، فبلغ ذلك النبي فما ندري أشيء بلغه من السماء،أم شيء من قبل
الناس .(2)
وقال النووي:واختلف العلماء في معناه على أقوال أصحها وبه قال جمهورهم
معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة ،والمقصود به
بيان إبطال ماكانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في الحج. (3)
قلت: ومن اجل ذلك ربنا الحكيم الرحيم قد اختار لهم أوسط التكاليف وهو
الاستحباب ،حتى لاينفرأحدهم من الدين الذي أصله مبني على اليسر ، قال
تعالى:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
} (البقرة:185)
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا ابن هلال، عن حميد بن
هلال العدوي، عن أبي قتادة، عن الأعرابي الذي سمع النبي يقول: "إن خير
دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره".(1)
وهذا ماكان عندي فإن كان صوابا فمن الله وحده، وإن كان خطئا فمن الشيطان
ونفسي، والحمد لله رب العالمين على توفيقه لسبيل الحق المبين .
وله طريق آخرعن محجن بن الأدرع به نحوه بلفظ : " إن خير دينكم أيسره " .
قاله ثلاثا . أخرجه الطيالسي( 1296 ) و البخاري في " الأدب المفرد "( 341
) و أحمد ( 38/454-41/307) .انظر إلى [السلسلة الصحيحة 2/379رقم1635]
الدليل الثالث: وهو المرفوع حكما إلى النبي حينما ينسب الصحابي السنة إلى النبي فهو لايكون من قبيل الرأى والاجتهاد .
عن قتادة قال سمعت أبا حسان الأعرج قال: قال رجل من بني الهجيم لابن عباس
: ماهذه الفتيا التي قد تشغفت أو تشغبت بالناس أن من طاف بالبيت فقد حل؟
فقال سنة نبيكم وإن رغمتم.(1)
وفي لفظ: إن هذا الأمر قد تفشغ بالناس،من طاف بالبيت فقد حل:الطواف عمرة.(2)
وعن عمرو بن دينار قال: سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة .فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة. (3)
قال النووي:..هذا الحكم الذي قاله ابن عمر هو مذهب العلماء كافة ،وهو أن
المعتمر لايتحلل إلابالطواف والسعي والحلق إلاماحكاه القاضي عن ابن عباس
وإسحاق بن راهويه.(4)
وقال أيضا:هذا الذي ذكره ابن عباس وهومذهبه وهوخلاف مذهب الجمهورمن السلف
والخلف،فإن الذي عليه العلماء كافة سوى ابن عباس أن الحاج لايتحلل بمجرد
طواف القدوم. (5)
وقال العيني:السعي واجب في العمرة ،وهو مذهب كافة العلماء،إلا ماحكاه عياض
عن ابن عباس أنه أجاز التحلل بعد الطواف وإن لم يسع وهو ضعيف.(6)
قلت: والقول ليس من قول ابن عباس ورأيه إنما رفعه إلى النبي بقوله: سنة نبيكم وإن رغمتم .
-1 رواه مسلم 8/195(207).1244
-2رواه مسلم 8/195. (1245)
-3شرح مسلم للنووي 8/185.
.4/1316- عمدة القاري
(20)
قال الشافعي: وابن عباس والضحاك بن قيس، رجلان من أصحاب النبي لايقولان:"السنة" إلا لسنة رسول الله . (1)
-عن طلحة بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب ،فلما سلم، سألته عن ذلك، فقال: "سنةحق".
وروي أيضا بسنده عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال:"سمعت ابن عباس يجهر
بفاتحة الكتاب على الجنازة، قال: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة " الأم1/240
-عن عطاء قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار،فلم
يخرج إلينا فصلينا وحدنا وكان ابن عباس بالطائف،فلما ذكرنا ذلك له فقال:
أصاب السنة.
-وقال نصر بن عمران الضبعي عندما رأى رؤية ، فحدث ابن عباس فقال : الله أكبر سنة أبي القاسم. [رواه البخاري 1688ومسلم 1242/204 ]
-وعن عكرمة قال :صليت خلف شيخ بمكة ،فكبر اثنتين وعشرين تكبيرة،فقلت لابن
عباس: إنه لأحمق ،فقال: ثكلتك أمك ،سنة أبي القاسم. (رواه البخاري 787)
-وسأل ابن عباس عن الصلاة بالبطحاء إذا لم يدرك الصلاة مع الإمام،قال:ركعتان سنة أبي القاسم .[رواه أحمد 4/388برقم2637]
وعن طاووس أنه قال :قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال هي السنة.
فقلنا له:إنا لنراه جفاء بالرجل .فقال ابن عباس:بل هي سنة نبيك .[أخرجه
مسلم536]
- قال ابن تيمية:مسألة إلا أن يأتم بمقيم ) فعليه الإتمام [ لأن ابن
عباس سئل : ما بال المسافر يصلي ركعتين حال الانفراد وأربعا إذا ائتم
بمقيم ؟ فقال : تلك السنة ] رواه الإمام أحمد وهو ينصرف إلى سنة النبي صلى
الله عليه وسلم ولأنه قول جماعة من الصحابة ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف
من الصحابة فكان إجماعا.(2)
قال ابن حجر:..وَهُوَ مَصِير مِنْ الْبُخَارِيّ إِلَى أَنَّ الصَّحَابِيّ
إِذَا قَالَ سُنَّة مُحَمَّد أَوْ فِطْرَته كَانَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا ،
وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ قَوْم وَالرَّاجِح الْأَوَّل .(3)
______________________________ ____________________ ___
فإن لم يكن قول ابن عباس له حكم الرفع ، تعتبر كفتوى خرجت منه ، وفتوى الصحابي لاتخرج عن ستة أوجه.
قال ابن القيم:فتلك الفتوى التي يفتى بها أحدهم لا تخرج عن ستة أوجه:
أحدها: أن يكون سمعها من النبي .
الثالث :أن يكون فهمها من آية من كتاب الله فهما خفي علينا.
الرابع: أن يكون قد اتفق عليها ملؤهم ولم ينقل إلينا قول المفتى بها وحده.
الخامس: أن يكون لكمال علمه باللغة ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به
عنا أولقرائن عالية اقترنت بالخطاب أولمجموع أمور فهموها على طول الزمان
من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم. ومشاهدة أفعاله وأحواله وسيرته وسماع
كلامه والعلم بمقاصده وشهود تنزيل الوحي ومشاهدة تأويله الفعل فيكون فهم
مالا نفهمه نحن.
وعلى هذه التقادير الخمسة تكون فتواه حجة بجب إتباعها.
السادس: أن يكون فهم ما لم يرده الرسول وأخطأ في فهمه والمراد غير ما فهمه وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجة.
ومعلوم قطعا أن وقوع احتمال من خمسة أغلب على الظن من وقوع احتمال واحد
معين هذا مالا يشك فيه عاقل وذلك يفيد ظنا غالبا قويا على أن الصواب في
قوله دون ما خالفه من أقوال من بعده وليس المطلوب إلا الظن الغالب والعمل
به متعين ويكفى العارف هذا الوجه اهـ (1)
الدليل الرابع: الشريعة الغراء لاتخالف القياس فحكم الصفا والمروة مشابه لحكم التمتع بالحج :
وكان سبب النزول أن الصحابة كانوا متحرجين بالطواف بين الصفا والمروة لأن
أهل الجاهلية كانوا يطوفون حول الأصنام ،وعذرهم أيضا أن الله لم يذكر شيئا
حول فضل الصفا والمروة في كتابه ولكي يزول الشك نزلت هذه الآية مطمئنة لهم
وتأكيدا بأنهما من شعائر الله ولاحرج عليكم بطوافهما ولكم الأجر إن تطوعتم
بطوافهما وكان الله لكم شاكرا عليما. فالشارع حكيم بعباده مطلع وعليم
بمافي نفوسهم حيث أنه علم أن الناس كانوا متحرجين من الطواف وكارهين
التشبه بالمشركين لم يوجب عليهم الطواف ولم ينفرهم من دينه السمح ،بل
أمرهم أمرا تخييريا وجعله تطوعا حتى لايشق على نفوسهم.
ونظير هذه المسألة التمتع في أشهر الحج حيث أن الصحابة كانوا يرون أن
العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، كنظرتهم للطواف بين الصفا
والمروة أنهما من أمور الجاهلية.
وعندما علم رسول الله أن هذا الإعتقاد منتشرفيمابينهم ،أمرهم أن يجعلوها
عمرة فتعاظم ذلك عندهم ،فقالوا: يارسول الله أي الحل؟ قال:الحل كله.(1)
وفي رواية:فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة،فكبر ذلك علينا،وضاقت
به صدورنا، فبلغ ذلك النبي فما ندري أشيء بلغه من السماء،أم شيء من قبل
الناس .(2)
وقال النووي:واختلف العلماء في معناه على أقوال أصحها وبه قال جمهورهم
معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة ،والمقصود به
بيان إبطال ماكانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في الحج
قلت: ومن اجل ذلك ربنا الحكيم الرحيم اختار لهم أوسط التكاليف وهو
الاستحباب ،حتى لاينفرأحدهم من الدين الذي أصله مبني على اليسر ، قال
تعالى:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
} (البقرة:185).
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا ابن هلال، عن حميد بن
هلال العدوي، عن أبي قتادة، عن الأعرابي الذي سمع النبي يقول: "إن خير
دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره".(3)
____________________
( 38/454-41/307) .انظر إلى [السلسلة الصحيحة 2/379رقم1635]
الدليل الخامس: قرائن تقوي أن الصفا والمروة حكمه تطوع وأمرا مستحبا وهي كالآتي :
جاءت أحاديث تبين أن النبي قد ترك السعي بعد طواف الإفاضة وهو قارن،وأيضا
الصحابة المتمتعين تركوا السعي بعد طواف الإفاضة،ففي تركهم دلالة أن السعي
ليس بواجب.
-2رواه مسلم 1213 والحديث طويل.
1-حتى يعلم معنى الآية لابد النظر في السباق واللحاق لسياق الآية.[شرح
مقدمة أصول التفسير لابن تيمية بشرح الدكتور محمد بازمول 238-240.
2- إعلام الموقعين 6/180-181.
3- إعلام الموقعين 6/64.
4- قاعدة:الكلمة إذا احتملت وجوها لم يكن لأحد صرف معناها إلى بعض وجوها دون بعض إلا بحجة.[قواعد التفسير لخالد السبت 2/795-798]
1- فصل في السعي هل هو ركن 5/239.
2- تفسير ابن كثير بتصرف2/86.
3-- فضائل القرآن2/154-155،البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/486-487.
4- شرح الكوكب المنير4/225-التحبير في شرح التحرير 7/3539- التحقيقات
والتنقيحات السلفيات على متن الورقات ص472 تصنيف مشهور بن حسن.وإعلام
الموقعين -16-18-148 من المقدمة.وجامع المسائل2/197.
1-رواه مسلم 8 /191(1240).
2-رواه مسلم 8 /143.
3-شرح مسلم 8/143.
4-رواه أحمد32/119رقم15371.
4- رواه مسلم 8/195.
5-العزوالسابق .
وابن عباس رضي الله عنهما كان يكثر من قوله أنها "سنة" في عدة مواضع :
1- الأم240/1 .
2- العدة في شرح العمدة1/83رقم314]
3- فتح الباري3/176باب اذا لم يتم الركوع-5/397 باب نحر الابل مقيدة].
الثاني :أن يكون سمعها ممن سمعها منه.
1- إعلام الموقعين 1/148.وانظرلفصول في أصول التفسير ص31 (تفسيرالقرآن بأقوال الصحابة) د.مساعدالطيار
1-رواه مسلم 8 /191(1240).
2-شرح مسلم 8/143.
3-رواه أحمد32/119رقم15371.وله طريق آخرعن محجن بن الأدرع به نحوه بلفظ :
" إن خير دينكم أيسره " . قاله ثلاثا . أخرجه الطيالسي ( 1296 ) و وحسنه
الألباني في " الأدب المفرد "1/124( 341 ) ورواه أحمد
1-لايمكن التطوع بهما استقلالا لأنه بدعة بخلاف الطواف بالبيت كما أسلفنا.
2-يمكن السعي من غير طهارة -كما كانت عائشة تطوف وهي حائض- بخلاف الطواف بالبيت فالطهارة به واجبة على أحد الأقوال.
3-السعي للمتمتع السعي الثاني ليس بواجب كمارجحه الإمام أحمد وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية.
1- قال جابر:لم يطف رسول الله ولاأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول.(1)
2-وقال أيضا: خرجنا مع رسول الله مهلين بالحج ...فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة.(2)
3-وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: أنه جمع بين الحج والعمرة وطاف لهما
سبعا،وسعى بين الصفا والمروة سبعا،وقال :هكذا رأيت رسول الله يفعل.(3)
1-رواه مسلم 1215 وهي من رواية محمد بن بكر.
3- أخرجه ابن حبان في موارد الضمآن 1/417 -إرواء الغليل 4/240.