•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***********حيــــاكم الله**********
*************في************
•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
نرجوا لو كنت عضو مشارك معنا أن تعرف بنفسك
ولو كنت زائر جديد فهلا فيكم ونرجو التسجيل للمشاركة
مع •·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***********حيــــاكم الله**********
*************في************
•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
نرجوا لو كنت عضو مشارك معنا أن تعرف بنفسك
ولو كنت زائر جديد فهلا فيكم ونرجو التسجيل للمشاركة
مع •·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·•
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول
ترحب •·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·• بحضراتكم ونسعد بتلقى اتصالاتكم على هاتف رقم 002 0108257817 ولمراسلة الإدارة يمكنكم المراسلة من هنا ar.bg@hotmail.com ***** *****دائماً نسعد برؤيتكم ****** دمتم سالمين*****

 

 وجوب الإيمان بخبر الواحد

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ملكة الجزائر
مراقب عام
مراقب عام
ملكة الجزائر


عدد المساهمات : 371
تاريخ التسجيل : 03/01/2010

وجوب الإيمان بخبر الواحد Empty
مُساهمةموضوع: وجوب الإيمان بخبر الواحد   وجوب الإيمان بخبر الواحد Icon_minitimeالأحد 24 يناير 2010, 3:40 pm

وجوب الإيمان بخبر الواحد


بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ:

يتناقل بعض الأفراد، بأن الإيمان بخبر الآحاد لا يجوز شرعاً، ومن ذلك الإيمان بعذاب القبر، وشفاعة الرسول للمؤمنين يوم القيامة، وورود الصراط، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجال، وظهور المهدي، وغير ذلك مما ثبت بخبر الآحاد. وأن المخالف لذلك يعتبر آثماً.

فما صحة هذا القول؟ وجزاك الله خيراً.



* * *

الجواب:

الحمد لله رب العالمين.

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وصل ِ اللهم وسلم على نبينا نبي الرحمة محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن أصحاب هذا القول يعتمدون بقولهم هذا على التفسير الخاطئ للظن، إذ دليلهم مبني على حرمة إتباع الظن، ويجعلون خبر الآحاد مندرجاً تحت هذا القول لذا فهم يحرمون الإيمان بكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال خبر الواحد، ومن ذلك ما ذكرت من عدم إيمانهم بعذاب القبر، وشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين يوم القيامة، وورود الصراط، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجال، وظهور المهدي، وغير ذلك.

وهذا القول باطل من عدة وجوه:

أولاً: إن كلمة الظن في اللغة تدل على عدة معان يحددها السياق:

فقد يطلق لفظ الظن ويراد به اليقين؛ كما في قوله تعالى: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاق)، والمعنى؛ أي علم وتيقن.

قال الطبري رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية الكريمة: (يقول تعالى ذكره: وأيقن الذي قد نزل به أنه فراق الدنيا والأهل والمال والولد، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. قال قتادة: "وظن أنه الفراق"؛ أي استيقن أنه الفراق). أ هـ تفسير الطبري.

قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: (أي أيقن الإنسان أنه الفراق، أي فراق الأهل والمال والولد، وذلك حين عاين الملائكة). أ هـ القرطبي.

وقال سبحانه: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

قال القرطبي: (الذين في موضع خفض على النعت للخاشعين، ويجوز الرفع على القطع، والظن هنا في قول الجمهور بمعنى اليقين ومنه قوله تعالى: "إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَه"). تفسير القرطبي.

ويأتي الظن بمعنى الشك؛ قال تعالى: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَبا).

قال الطبري: (القول في تأويل قوله تعالى: "وَدَخَلَ جَنَّته وَهُوَ ظَالِم لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا"؛ يقول تعالى ذكره: هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب دخل جنته وهي بستانه وهو ظالم لنفسه، وظلمه نفسه: كفره بالبعث وشكه في قيام الساعة، ونسيانه المعاد إلى الله تعالى). أ هـ تفسير الطبري.

ويأتي الظن بمعنى الكذب؛ كما في قوله تعالى: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: (يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلهمْ أَكْثَر الْأَوَّلِينَ"، وقال تعالى: "وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِين"، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل). تفسير ابن كثير.

وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فإنه أكذب الحديث) [البخاري ومسلم].

وكذلك يأتي الظن ويراد به غلبة الظن؛ كما في قوله تعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).

قال الطبري: (وأما قوله: "إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه"؛ فإن معناه: إن رجوا مطمعاً أن يقيما حدود الله...)، إلى أن قال: (وقد وجه بعض أهل التأويل قوله: "إنْ ظَنَّا"؛ إلى أنه بمعنى أيقنا. وذلك لا وجه له، لأن أحداً لا يعلم ما هو كائن إلا الله تعالى ذكره). تفسير الطبري بتصريف.

فهذه الآية واضحة الدلالة بأن المراد بالظن لا اليقين ولا الشك، فعلم أن المقصود به غلبة الظن.

ومن خلال ما ذكرنا يتضح خطأ صاحب "كتاب الاستدلال بالظني في العقيدة" [ص 19]، وهذا نصه: (وإذا تتبعنا الكثير من النصوص التي وردت فيها كلمة الظن سواء كانت في القرآن، أم في الأحاديث الشريفة، أم في شعر العرب من الطبقة التي يستشهد بشعرها، لوجدنا أن كلمة الظن لا تفيد إلا معنى واحداً، وهو مدلولها اللغوي الوضعي حسبما أوردته المعاجم والقواميس اللغوية، فهي ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر، وذلك لتميزها عن كلمة الشك التي تفيد تساوي الاحتمالين من غير ترجيح. كما أنها ليست من الألفاظ المتعاضدة مثل كلمة القرء بمعنى الطهر والحيض، وكذلك ليست من الألفاظ المشتركة مثل العين المبصرة، والذهب والجاسوس، ويخطئ من يقول بأن كلمة الظن من الأضداد أي إنها تفيد الظن، وتفيد العلم سواء كان القائل من علماء اللغة أو غيرها). أهـ

ويظهر التناقض في هذا القول إذ يقول صاحبه: (ويخطئ من يقول بأن كلمة الظن تفيد اليقين، وإن كان القائل من علماء اللغة).

ومفهوم هذا القول، إن هنالك من العلماء من يقول بأن كلمة الظن تفيد اليقين كما أوردنا ذلك عن بعض أهل العلم آنفا، فأصبح ما قاله اجتهاداً لا يقينا فانظر إلى هذا التناقض!

قال أبو العباس - أحد علماء اللغة - في مثل هذا الأمر: (إنما جاز أن يقع الظن واليقين لأنه قول القلب فإذا صحت دلائل الحق وقامت أماراته كان يقيناً، وإذا قامت دلائل الشك وبطلت دلائل اليقين كان كذباً، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكاً لا يقيناً ولا كذباً) [الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري].

ومما يؤكد خطأ القول بأن الظن لا يفيد إلا الترجيح بين قولين أحدهما راجح، والآخر مرجوحاً:

1) ما جاءت به الآيات القرآنية إذ دل سياقها على التفريق بين معنى الظن في عدة مواضع كما أشرنا إلى ذلك، فعلى سبيل المثال قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). فالظن هنا بمعنى اليقين، إذ لا يجوز في هذا الموطن أن يكون الظن بمعنى الترجيح بين الاحتمالين، وذلك أن الأمر متعلق بالإيمان باليوم الآخر، وهذا لا يقوم إلا على يقين، فلو كان المعنى ما ذهبوا إليه لكان جائزاً أن يدخل شيء من الريب فيما يتعلق بالمعتقد، وهذا باطل بلا شك.

2) إن الظن الذي ورد في الآية المباركة جاء في سياق المدح، والظن الذي نهى الله سبحانه عن اتباعه جاء في سياق الذم، وبين المدح والذم بون عظيم.

3) إن الظن الوارد في الآية متعلق بالإيمان باليوم الآخر، وهو مسألة في صميم العقيدة، وهو مما طلب الإيمان به، ومن المعلوم ضرورة أن الاعتقاد لا ينبني إلا على اليقين.

وإليك آية تبين الفرق بين معنى الظن بياناً واضحاً: قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً)، ولا ريب أن ظن موسى عليه السلام مبني على اليقين والثقة بالله سبحانه، إذ وعد الله سبحانه الظالمين بالهلاك إذ قال وقوله الحق: (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ). وأما ظن فرعون فهو قائم على الجهد والتكذيب، قال تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ). والفرق بين الظنين واضح.

ولكن الذي حمل أصحاب هذا الرأي على القول بأن الظن لا يفيد إلا الترجيح بين الاحتمالين، فرارهم من بناء أصلهم هذا على الظن الذي حذروا الناس من إتباعه، فلو سلموا بأن الظن يحتمل عدة وجوه كما أسلفنا لأقروا بخطأ منهجهم وبعده عن الصراط القويم.

ثانياً:

أ) إن من مستلزمات القول باشتراط تحقق التواتر لحصول اليقين فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلاف الصحابة رضي الله تعالى عنهم في عقيدتهم، وذلك لو أن صحابياً سمع حديثاً من الرسول صلى الله عليه وسلم لكان واجباً عليه الإيمان به، على خلاف من سمع حديث الرسول من الصحابي نفسه لا من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ يحرم عليه الإيمان بالحديث الذي نقله إليه ذلك الصحابي لعدم تحقق العدد المطلوب، ومثل هذا الأمر لم يعرف في الصحابة رضي الله تعالى عنهم رغم كثرة وقوع هذه الصورة فيهم، فقد كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم ينقل بعضهم عن بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون اختلاف بينهم في العقيدة أو المنهاج، وما يجب أن يؤمن به المسلمون، هو ما آمن به الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال تعالى: (فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

ب) ومن ناحية ثانية، فإن اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في إثبات أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرق في الدين، إذ يؤمن البعض في أحاديث لا يجوز للبعض الآخر أن يؤمن بها، وهذه الصورة من أعظم الصور التي حذر منها القرآن وتوعد من خالفها، قال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ).

ثالثاً: إن الآيات الكريمة نهت عن إتباع الظن، لا الإيمان به فحسب:

والإتباع أعم من التصديق، فهو يستلزم عدم العمل من باب أولى، إذ الإتباع لا يكون إلا مع العمل، والقول بتحريم إتباع الظن يشمل القول والعمل على حد سواء، وتخصيص النهي عن إتباع الظن في مسائل العقيدة دون الأحكام الشرعية قول لا دليل عليه، إذ لا يكون تخصيص العام إلا بدليل شرعي.

وبما أن المسألة مسألة عقدية أي تتعلق بالأصول دون الفروع، فيجب أن يكون دليلها دليلاً قطعيا، فأين دليلهم القطعي الذي يستندون إليه بتخصيص النهي عن إتباع الظن في الإيمان دون العمل؟

رابعاً:

اعلم - يرحمك الله - أن الذين يروجون إلى هذا القول، يعتبرون أدنى حد التواتر عدداً خمسة رواة في كل طبقة من طبقات الإسناد، فإن قل العدد عن ذلك في أي طبقة من طبقات الإسناد لا يعتبر الحديث قطعياً وعليه لا يجوز الإيمان به.

وإليك قول تقي الدين النبهاني في هذه المسألة: (فكل ما يصدق عليه من العدد من الجمع يعتبر متواتراً. ولكن لا يجوز أن يكون أقل من خمسة، فلا يكفي أربعة، لأن الأربعة يحتاجون إلى تزكية في حالة جهل حالهم إذا شهدوا بالزنا) [كتاب الشخصية الإسلامية: ص 266 / الجزء الأول الطبعة الثانية، تحت عنوان؛ أقسام الحديث].

ويقول في موضع آخر من الكتاب نفسه [ص 144 / الجزء نفسه، تحت عنوان؛ الاستدلال بالسنة]: (ذلك أنه ثبت بنص القرآن الكريم أنه يقضى بشهادة شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين في الأموال، وبشهادة أربعة من الرجال في الزنا، وبشهادة رجلين في الحدود والقصاص، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق، وقبل شهادة امرأة واحدة في الرضاع، وهذا كله آحاد).

وعليه فقد جعل تقي الدين النبهاني شهادة الاثنين والثلاثة والأربعة من خبر الواحد الذي لا يجوز الإيمان به، وهذا قول لا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة، بل هو إتباع محض لبنيات الأفكار.

فعلى سبيل المثال: لو جاء حديث توفر في كل طبقة من طبقاته خمسة رواة كلهم ثقات إلا في الطبقة الأولى طبقة الصحابة رضي الله عنهم، لم يرو الحديث إلا عن الخلفاء الراشدين الأربعة، فهل يفيد الحديث العلم ويقطع بصحته أم لا؟ فإن قالوا: نعم يقطع بصحته. قلنا: فتحديدكم للعدد غير صحيح. وإن قالوا: لا. قلنا: الحمد لله، فقد كفى الله المؤمنين القتال.

فائدة لا يعرفونها:

إن من مستلزمات القول بأن أدنى حد التواتر خمسة رواة، يقضي بحرمة الإيمان بالقرآن الكريم، إذ ثبت بالدليل القاطع أن القرآن جمع بأقل من ذلك كما يقرون بذلك هم أنفسهم.

فقد جاء بمجلتهم المعتمدة [الوعي: العدد 22، ص 13 / تحت عنوان؛ موقف الصحابة من خبر الآحاد في العقائد] ما نصه: (وهذا ما دل عليه فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجماعهم يوم جمع أحد أركان العقيدة الإسلامية القرآن الكريم في المصحف الإمام زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقد اشترطوا شروطاً وسلكوا طرقاً في جمعهم المصحف تبين بياناً واضحاً وقاطعاً بأن خبر الواحد والظن لا يمكن أن تقوم به عقيدة، وهذه الشروط؛ أولاً: اشترطوا عدداً معيناً يحصل القطع بنقلهم وهو ثلاثة، زيد بن ثابت، ورجلان آخران يشهدان، وربما كان عمر مكان زيد أحياناً كما جاء في الروايات عنهم). أ هـ

ثم ساق روايات تدل على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اكتفوا بشهادة رجلين اثنين في تثبيت الآيات الكريمة في المصحف الشريف، منها ما نقله عن خزيمة بن ثابت قال: جئت بهذه الآية: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)، إلى عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما، فقال زيد: من يشهد معك. قلت: لا والله لا أدري، فقال عمر: أنا أشهد معك على ذلك.

ويظهر التناقض في عقيدتهم مما يلي:

قوله؛ بأن الصحابة اشترطوا عدداً معينا يحصل القطع بنقلهم وهو ثلاثة، وهذا النقل يخالف ما يتبناه هو لمخالفة شيخه له، فشيخه يجعل أدنى حد التواتر خمسة أشخاص، وهذا ينقل إجماع الصحابة على أن القرآن جمع بأقل من ذلك، أي بأن القرآن جمع بخبر الواحد، فهو على قولهم ظني الثبوت لا يجوز الإيمان به.

إذ يعتبر تقي الدين النبهاني رواية الأربعة من خبر الآحاد، كما جاء ذلك في قوله: (ذلك أنه ثبت بنص القرآن الكريم أنه يقضى بشهادة شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين في الأموال، وبشهادة أربعة من الرجال في الزنا، وبشهادة رجلين في الحدود والقصاص، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق، وقبل شهادة امرأة واحدة في الرضاع، وهذا كله آحاد) [المرجع نفسه].

شبهة والرد عليها:

بعد أن بينت هذه القضية في كتابي "الإيمان بخبر الآحاد سبيل الرشاد"، وقعوا في حيص بيص، واخذوا يذودون عن هذا المعتقد الفاسد بشبهات لا تزيدهم إلا ضلالاً وإعراضاً عن الحق.

ومن هذه الشبهات:

أ) أن القرآن كان مكتوباً في صحائف كانت محفوظة عند الصحابة، وما قام به أبو بكر هو جمع الصحائف التي قام اليقين على أنها من القرآن:

رد:

1) هذا تعليل عليل، وقول سقيم، فإن المحفوظ عند الصحابة في الصحف، بمثابة المحفوظ بالصدور، فالصحابي الذي كتب ما سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيفة ثم احتفظ بها عنده، تعتبر كتابة رجل واحد، أي تقوم مقام شهادة واحدة لا شهادتين، وعليه فهي بحاجة إلى أربعة شهداء آخرون من أجل أن تبلغ حد التواتر، وتثبيت الآيات بشهادة رجلين لدليل واضح على عدم اشتراط الصحابة رضي الله تعالى عنهم العدد المزعوم.

2) لو كان الأمر ما ذهبوا إليه، أي إن القرآن مكتوب عند الصحابة كلهم، لاكتفى أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بجمعه دون أن يعين أي شاهد، فتعين أبو بكر رضي الله عنه شهوداً من أجل تدوين القرآن لدليل واضح على أنه اكتفى بشهادة رجلين، فإن الآثار الواردة تدل على أن الصحابة كانوا يأتون الشهود فرادى، وكان الشهود يدونون القرآن إذا شهدوا عليه وهم اثنان، فيصبحون مع الذي جاء بالآية ثلاثة، والثلاثة لا شك لا يبلغون حد التواتر على مذهبهم.

ب) قولهم؛ إن الآثار دلت على أن القرآن جمع بشهادة الخمسة، ويعللون ذلك بما يلي؛ إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه عين كاتباً وشاهدين، فيكون الكاتب واحداً، فإذا أضفنا إليه الشاهدين يصبحون ثلاثة، كذلك الرجل الذي جاء بالآية إذا أضيف إلى الثلاثة يصبحون أربعة، والصحيفة التي جيء بها تقوم مقام الشاهد، وعليه يكون القرآن جمع بشهادة خمسة شهود.

رد:

أقول: سبحان الله ما أعظم ما يصنعه الهوى بأصحابه، فهم يقومون على مثل؛ "عنزة ولو طارت"، فصاحب المقال يقول بوضوح أولاً: (اشترطوا عدداً معيناً يحصل القطع بنقلهم وهو ثلاثة) [المصدر نفسه]، فلما وجهوا بحقيقة معتقدهم أخذوا يذودون عنها دفاعاً عن معتقدهم لا نصرة للحق ورجوعاً إليه.

ومع ذلك نبين خطأهم بما يلي:

1) من المعلوم أن الكاتب لا يعتبر شاهداً على أصل المسألة، بل يشهد على أن الشاهد شهد عليها من خلال تدوينه لها، فشتان بين أن يشهد على المسألة، أو أن يشهد على أن الشاهد شهد عليها.

2) إن تدوين الآية وكتابتها بنسخة لا تخرج عن كونها مكتوبة لكاتبها، فهي لا تعتبر دليلاً بذاتها، بل تعتبر بالنسبة لحال صاحبها، فإن كان صاحبها ثقة، قبلت منه، وإن كان غير ذلك ردت عليه، فأما أن تعتبر شاهداً بذاتها دون النظر إلى حال صاحبها، فهذا قول لا يقول به إلا من عميت بصيرته عن الحق المبين.

3) إن الأثر عن خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه يدل بوضوح على أنه اكتفي بشهادته وشهادة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما على تثبيت الآية، وعليه فإنه لم يدل دليل صحيح على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اشترطوا في جمع القرآن شهادة خمسة أو أربعة.

ملاحظة:

المدقق في قول صاحب "كتاب الشخصية" يجد أنه ذهب إلى أن شهادة الأربعة لا يثبت بها عقيدة لاحتياجهم إلى تزكية إذ جاء في قوله: (فكل ما يصدق عليه من العدد من الجمع يعتبر متواتراً. ولكن لا يجوز أن يكون أقل من خمسة، فلا يكفي أربعة، لأن الأربعة يحتاجون إلى تزكية في حالة جهل حالهم إذا شهدوا بالزنا) [المصدر نفسه].

فانظر إلى هذا التعليل العليل، وما يفهم من معناه؛ أن الأربعة يحتاجون إلى تزكية في حالة جهل حالتهم، ولذا لا يفيد نقلهم العلم، فهل الخمسة لا يحتاجون إلى تزكية في حالة جهل حالهم؟ سبحانك ربي سبحانك، فإنه من المعلوم ضرورة أنه من جهلت حالتهم لا يقبل خبرهم سواء كانوا أربعة أو أكثر أو أقل، فالقضية ليست منوطة بعدد معين، بل في النظر بحال الناقل، فإن كان الناقل ثقة قبل خبره، وإن كان الناقل غير ثقة ردت روايته، ولا عبرة في العدد، ومن قال بخلاف ذلك فليأتنا بسلطان مبين.

وأما القول؛ بأن العدد إذا زاد عن أربعة أمن تواطؤهم على الكذب.

فأقول: هذا محض جهل، فقد اجتمع الكافرون على تكذيب الرسل، وهذه قضية لا ينتطح بها كبشان، وعليه فالعبرة بحالة الناقلين لا بعددهم.

خامساً: إن الأدلة الشرعية جاءت على خلاف زعمهم:

فقد دلت النصوص على قبول شهادة الواحد إن كان ثقة في العقيدة والأحكام، قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، ولفظ طائفة يقع على الواحد والجماعة، والإنذار يشمل ما أنزل الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عقيدة وأحكاماً والتفريق بينهما يحتاج إلى دليل نصي.

وكذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، دليل واضح على أن الناقل إن كان ثقة لا يتثبت من روايته.

ومن باب آخر؛ فقد تواتر النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبعث الآحاد إلى البلدان من أجل تبليغهم الدين ودعوتهم إليه، ومن المعلوم أنهم كانوا يدعونهم إلى اعتناق الإسلام التي تقوم العقيدة عليه، ولو كانت العقيدة لا تثبت بهذا النقل، لما اكتفى صلى الله عليه وسلم بإرسال الآحاد، ولكان يرسل الجماعات التي لا يقل عددها عن خمسة كي تتحقق المصلحة وتقوم الحجة، وعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، لدليل واضح على عدم إرادته، وخطأ القائلين به.

وأما تعليل تقي الدين النبهاني في عدم قبول خبر الواحد في العقيدة دون الأحكام، كما جاء ذلك عنه في كتاب "الشخصية" [ص 148، ج3 / الطبعة الثانية]: (لا يقال إن قبول تبليغ خبر الآحاد قبول عقيدة لأن تبليغ الإسلام قبول خبر وليس قبولاً لعقيدة، بدليل أن على المبلغ أن يعمل عقله فيما بلغه، فإذا قام الدليل اليقيني عليه اعتقده وحوسب على الكفر به، فرفض خبر عن الإسلام لا يعتبر كفراً ولكن رفض الإسلام الذي قام الدليل اليقيني عليه هو الذي يعتبر كفراً). أهـ

فهو تعليل يقوم على أمور تدل على حقيقة معتقدهم وأنه يقوم على العقل لا النقل.

وإليك التفصيل:

1) تقوم عقيدة حزب التحرير على العقل لا النقل، ويتضح ذلك من قول شيخهم: (بدليل أن على المبلغ أن يعمل عقله فيما بلغه). فالعبرة إذن ليست بالعدد أو غيره بل بحكم العقل على صحته، فإن حكم العقل بصحة النقل قبل النقل وإن لم يبلغ حد التواتر، وهذا المعتقد ليس هو ما يعتقده أهل السنة والجماعة، بل هو مذهب المعتزلة ومن نحى نحوهم من أهل الكلام الذين يقدمون العقل على النقل.

2) تعريفهم للإسلام، فهم يعرفون الإسلام بأنه؛ مبدأ، ويعرفون المبدأ؛ بأنه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام، ويعرفون العقيدة بأنها؛ تصديق جازم مطابق للواقع عن دليل، ومرادهم من القول موافق للواقع أي موافق للعقل لأن أصل عقيدتهم مبني على العقل وقد سبقت الإشارة إلى تعليل شيخهم بعدم قبول خبر الواحد لعدم قيام الدليل العقلي عليه.

3) قوله؛ بأن رفض خبر عن الإسلام لا يعتبر كفرا، ولكن رفض الإسلام الذي قام الدليل اليقيني عليه هو الذي يعتبر كفراً، وهذا القول منطلق من التفريق بين الإسلام ككل، وبين المسائل الداخلة في الإسلام، وذلك أن الإسلام كدين قام الدليل اليقيني على صحته، أي حكم العقل على أنه دين صحيح، ولكن العقل لم يحكم على كل مسألة من مسائل الإسلام، فكانت المسألة التي لم يقم عليها الدليل العقلي مسألة فرعية لا يكفر الإنسان بردها، على خلاف رد الإسلام ككل.

فتدبر ذلك جيداً تعرف أحوال القوم.

فائدة:

إن حقيقة الخلاف القائم بين أهل السنة والجماعة، والمتكلمين، هو مسألة تقديم العقل على النقل، فأهل السنة والجماعة يقدمون النقل على العقل، ويخضعون العقل للنقل، على خلاف المتكلمين، فهم يخضعون النقل للعقل، فأي مسألة حكم العقل بصحتها آمنوا بها وإن كانت ظنية الثبوت، وأي مسألة لم يحكم العقل على صحتها ردوها إما تأويلاُ، وإما تعطيلاً.

والمتأمل في ذلك يعلم أن حزب التحرير لا يعتقد معتقد أهل السنة والجماعة، بل معتقد الفرق التي خرجت عن أهل السنة والجماعة، وعليه فما يدعو إليه من كون خبر الواحد لا يفيد العلم، هو معتقد المتكلمين وليس معتقد أهل السنة والجماعة.

سادساً:

إن من المضحك المبكي، أن هؤلاء القوم حرموا على الناس الإيمان بخبر الواحد لأنه قائم على الظن، وما درى هؤلاء أن الظن الذي حذروا الأمة منه، هو عين ما وقعوا فيه، فإن اشتراطهم عددا معيناً لإفادة اليقين، اشتراط غير مبني على دليل، بل قد قام الدليل على خلافه، ومن المعلوم أن إثبات مسألة من مسائل العقيدة تحتاج إلى دليل قطعي، فأين دليلهم الظني على ذلك؟ ناهيك عن إتيانهم بالدليل القطعي.

فالمسألة التي أصلوا عليها مسألة مفتقرة إلى الدليل، أي لا يستطيعون أن يأتوا بحديث أو آية أو إجماع على أن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز الإيمان بها إلا إذا تحقق فيها أدنى حد التواتر وهو خمسة رواة في كل طبقة من طبقات الحديث، ومن المعلوم أن ما كان أصله ظناً فلن تكون نتائجه قطعية.

وعليه؛ فهم في قولهم هذا متبعون للظن الذي حذروا الناس منه، فهلا علموا ذلك!

سابعاً: إن مذهب القائلين بعدم اعتبار خبر الواحد في العقائد، يؤدي إلى تقسيم الدين من حيث الثبوت إلى قسمين عقيدة وأحكام:

واشترطوا في العقيدة ما لم يشترطوه في الأحكام، مما يؤدي ذلك إلى فصل العقيدة عن العمل، والعمل عن العقيدة، أي ما كان متعلقه التصديق فلا يدخل العمل به، وما كان متعلقه العمل لا يدخله التصديق.

وهذا القول بناء على مذهبهم الباطل الذي يفرقون به بين الإيمان والعمل، ويظهر ذلك جلياً من خلال تعريفهم للعقيدة إذ هي عندهم: (تصديق جازم موافق للواقع عن دليل). فلا يدخلون العمل في الإيمان، أو الإيمان في العمل، وعليه يوجبون العمل بالأحكام الشرعية وإن تجرد عن الإيمان، وهذا معنى قولهم: (نصدق ولا نؤمن)؛ أي نصدق بأن خبر الواحد ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نؤمن به، ونوجب العمل به، فهنا أصبح تفريق بين التصديق والإيمان، وبين العمل والتصديق، فعندهم العمل شيء، والتصديق شيء آخر، والإيمان شيء ثالث.

والشاهد الذي نريد أن نصل إليه هو؛ أنهم يفرقون بين التصديق والإيمان، فهم يصدقون بخبر الواحد إن صح سنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم لا يؤمنون به، فهم يقرون بأن هذا الحديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن العمل به واجب إن كان متعلقاً بالأحكام الشرعية، وأن الذي لا يعمل به يكون آثماً، ولكنهم في الوقت ذاته يقولون؛ إن الإيمان بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله لا يجوز.

فما هو التصديق وما هو الإيمان عندهم؟ أما الإيمان فهو التصديق الجازم، إذن فالتصديق يكون غير جازم، والجزم لفظ يدل على صحة الثبوت، وعدم الجزم شيء يدل على عدم الثبوت، وعليه يكون القوم إما مؤمنين بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالعقيدة، وإما غير مؤمنين، وبلا ريب أنهم غير مؤمنين، إذن فهم واقعون في دائرة الشك، إذ إن التصديق غير الجازم يكون فيه شيء من الشك.

وعليه؛ فالقوم يتخبطون في مسألة لا يعرفونها، فلو سألت أحدهم ما الفرق بين التصديق والإيمان فيما يتعلق بالعقيدة؟ فلن تجد عنده جواباً يعول عليه.

ثامناً: إن الأخذ بقولهم الباطل يؤدي إلى مخالفة أهل السنة والجماعة في معتقدهم في كثير من القضايا التي قام الإجماع عليها:

كمسائل عذاب القبر، والصراط، ونزول عيسى عليه السلام، وإثبات الشفاعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وسؤال الملكين، وغيرها من المسائل التي دلت عليها الأحاديث الصحيحة التي لم تصل أسانيدها حد التواتر بالضوابط التي وضعوها.

ولا شك أن كل من خالف ما قام عليه الإجماع يعتبر آثماً لقوله تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً).

فاتباع سبيل المؤمنين شرط أساسي في صحة العمل واعتباره، بل إن إتباع سبيل المؤمنين، هو الضابط الأصلي للحكم على الأعمال من حيث الصحة والبطلان، وما جاء ثابتاً عن علماء الأمة المعتبرين من أهل السنة والجماعة، هو إيمانهم بهذه الأمور وغيرها، وعليه فإن مخالفتهم في ذلك هو خروج عن اتباع سبيل المؤمنين الذي توعد الله سبحانه كل من خالفه.

وبناء على ما قدمنا؛ فإن القول بعدم الإيمان بخبر الواحد في العقيدة، قول لا دليل عليه، بل الأدلة على خلافه.

وإن العلة التي تعللوا بها على عدم جواز الإيمان بخبر الواحد هو وقوع في الظن الذي ذم الله سبحانه الكافرين على اتباعه، وجعلوا العامل في الظن واليقين العدد، وقد حددوه بخمسة رواة في كل طبقة من طبقات سند الحديث، وقولهم هذا مبني على الاجتهاد المحض غير المبني على دليل من الكتاب والسنة.

بل لو كان المقصود بالظن العدد لخرج الكافرون اتباع الظن عن الأمر، إذ لم يقيموا معتقداتهم على خبر الواحد، بل قد أخذوا عقيدتهم الفاسدة عن تواتر نقل لهم عن تواتر، قال تعالى حاكياً عنهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)، فالكافرون أخذوا عقيدتهم عن تواتر فهم على دين آبائهم، ومع ذلك فهم أتباع للظن.

وعليه؛ تعلم أخي يقيناً بأن اليقين والظن لا علاقة له بالعدد، إنما بما يتحفه من القرائن، فإن قامت القرائن على صدق من ينقل الأخبار وجب تصديقهم وإن لم يبلغوا العدد المشار إليه، وإن قامت القرائن على كذب من ينقل الأخبار، فلا يصدقون وإن كانوا مئات كما هو واقع الكافرين، ومن باب آخر؛ لا يخفى عليك أن الظن الذي اتبعه الكافرون قائم على الكذب والتخمين، لا على خبر الواحد وغيره، مما يجعلك توقن بخطأ ما ذهب إليه القوم.

وفقنا الله جميعاً للعمل بما يحبه ويرضاه.




وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين



وكتب؛ إبراهيم بن عبد العزيز بركات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
موسى بن عقبة
مدير الموقع
مدير الموقع
موسى بن عقبة


عدد المساهمات : 635
تاريخ التسجيل : 31/12/2009
العمر : 30
الموقع : موسى بن عقبة

وجوب الإيمان بخبر الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وجوب الإيمان بخبر الواحد   وجوب الإيمان بخبر الواحد Icon_minitimeالأحد 24 يناير 2010, 5:18 pm

هل ابراهيم بن عبد العزيز بركات هو الشيخ المسئول أم أنــــكِ نسيتي وضع اسمه؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mosa.hooxs.com
 
وجوب الإيمان بخبر الواحد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خليفة التليسي، قصيدة البيت الواحد
» الشيخ الحويني وأدلة وجوب اللحية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
•·.·°¯`·.·• ( منتديات موسى بن عقبة ) •·.·°¯`·.·• :: (((الفتاوي الشرعية)))-
انتقل الى: