السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
همس أحدهم قريبا في أذني (بالله عليك بلاش كلام عن النصارى) وظل همسه يرن في أذني أياما وفي كل مرة يراودني فيها شعور برفض ما يملى عليّ والله من وراء القصد
ثم أقول لنفسي:
لعلها حكمة وصاحب الدعوة عليه أن يعمل بالمتاح، وهذا ما علمنيه مشايخي داخل الأزهر وخارجه والله المستعان.
و بينما كنت أتصفح أحد المواقع وقع عيني على مقال أعجبني جملة لا تفصيلا، ذلك بأنه يحمل في طياته معنى أحبه، وهو دعوة الآخر (كل مخالف) بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا طبعا في مقام الدعوة لا مقام التأصيل الشرعي ...
ولعل من الأفضل أن أترككم مع المقال ذي العنوان المميز والمهيج للعقل الواعي إن أراد أن يعي والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
وعنوانه
صاحب العقل يميز
لحاتم محمد
15 - 9 - 2009
الخميس عشرين من رمضان أبانوب طفل في العاشرة من العمر تقريبًَا ابنًا لبواب عمارة تقع في مواجهة مسجد الفتح، الولد يعبر الطريق مسرعًا وقت أذان المغرب متوجها إلى المسجد ثم يعود مع إخوته يحمل بعض العلب التي تحتوي على طعام مخصص لإفطار الصائمين، ثم يعاود الكرة ثانية بتوجيهٍ من أبيه ليعود مرة أخرى بعدة أرغفة من الخبز بداخلها بعض اللحم، كان أبوه ينادي عليه بصوت جهوري يتمكن من سماعه كل أحد ليحذره من السيارات، ولم يكن يخشى من أن تعرف هويته فيمنع عنه ذلك الطعام؛
هذا المشهد تكرر يوميًا ولم يكن من الصعب على المسلمين أن يمنعوا أبانوب، ولو فعلوا لم يكن يستطيع أحد أن يتهمهم بالتميز أو الاضطهاد ولكنهم لم يفعلوا.
الأربعاء التاسع عشر من رمضان، المكان هذه المرة مستشفى الأطفال بالدمرداش التابعة لجامعة عين شمس، مريان وسلفانا وجورج وغيرهم يحصلون على مبلغ من المال مثلهم مثل غيرهم من أطفال المسلمين، المبلغ يوزع بمناسبة العيد عيد الفطر الخاص بالمسلمين، بالمناسبة كل طفل كي يحصل على المبلغ يتم الاطلاع على كرت المتابعة الخاص به والمدون به الاسم الذي يكشف عن هويته، وكذا يتم الاطلاع على بطاقة الرقم القومي الخاصة بولي أمره والمدون بها الديانة، وعلى الرغم أن المناسبة دينية محضة وأن المال يوزع من قبل أهل الخير ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالدولة؛ لم يحجب عن جورج وأقرانه بالرغم أن الذي يقوم على أمر تلك الهبة رجل ملتحي، كما أن بعض القائمين على أمر طعام الإفطار على نفس الشاكلة.
هذه بعض الوقائع لأشخاص حقيقية بأماكنها وأزمانها، لا ينقصها إلا صور بطاقات أصحابها لا تلك الحكايات الوهمية عن الاضطهاد، التي تتحدث عن شخصيات هلامية أو عن فاشلين.
حيث يقول قائلهم أن الطالب يأتي في الامتحان الشفوي فيسأل عن اسمه؛ فإن أجاب باسم لا يكشف عن هويته سأل عن اسمه الثاني وهكذا حتى تعرف هويته فيمارس ضده الاضطهاد حينئذ، إن أمثال تلك الحواديت حكايتها تكفي لتكذيبها لدي أهل الحجى، فهل يظن ذلك القائل أننا لم ندخل الجامعة، هل يحتاج الأستاذ في الجامعة أو المدرسة لسؤال الطالب عن اسمه؟!! إن الكليات التي بها امتحان شفوي الأستاذ بها يعرف طلابه جيدًا فضلًا عن أن لديه كشفًا بأسماء من يمتحنهم، أم أنه مطالب بأن يختبر شخص مجهول، نعم يجب على صاحب العقل أن يميز و ألا يصدق جميع ما يحكى له.
من أكثر من عشرين عامًا، تخرجت من المرحلة الثانوية أنا وبعض الأصدقاء النصارى قرر أحدهم أن يلتحق بكلية الشرطة، ونجح في الالتحاق بها وزرناه هناك خلال الفترة التي يجب أن يقضها الطلاب بالكلية دون العودة إلى أهليهم، ولكنه بعد شهرين تقريبًا فشل في الاستمرار بالكلية ورفت منها، ماذا فعل حينها ادعى وقتها أنه وقع عليه نوع تمييز وفصل بسبب أنه نصراني لم يكن هناك ما يكذب دعواه حتى أخبرني صديق ثالث لكلينا وهو من شيعته قائلًا: "لا تصدقه ده كذاب ابن .....( وسبه ) هو اللي مقدرش ومشي بمزاجه"، قلت له: يا راجل! مستغربًا، أجاب: أنا سألته وقالي.
الجمعة الحادي والعشرون من رمضان، يقوم بعض النصارى بوقفة أو مظاهرة ضد التمييز تمييز!!! ضد من؟!! هذا شيء عجيب آخر "فالأقباط يرون أن تطبيق العدالة يعني الظلم لهم، ويعتقدون ولو بطريقة لا شعورية بأن الظلم وعدم محاباة الأقباط هي ألفاظ مترادفة "هذا هو رأي اللورد كرومر فيهم منذ ما يزيد على المائة عام، ولكن صاحب العقل لا يريد أن يميز".
الثلاثاء الثامن عشر من رمضان في برنامج إذاعي مع نائبة قبطية، يقفز الحديث مرة أخرى عن عدد الأقباط في مصر وأنهم اثنا عشر مليونًا، والنصارى يقولون أن مستندهم في ذلك؛ هو ما يحملونه من كشوف أو دفاتر تحوي أسماء وأعداد الذين يتم تعميدهم بجانب كشوف أخرى تحوي أسماء الوفيات؛ بالتالي فهم لا يعتبرون ولا يعتمدون الإحصاءات الرسمية التي تقوم بها الدولة.
عمومًا تلك الدفاتر أو الإحصاءات إن كانت موجودة لديهم، فهي ليست وليدة اليوم أو اللحظة إذ أنها تقليد ديني يلتزم البطريرك به، وكذا كل أبرشية حتى يعرف من يقطعه من غيره كما ذكر ذلك ابن سباع في تاريخه.
وعلى هذا فكما تقول بوتشر (4/373) وكذلك الشماس منسي فإن: "البطريرك في عام 1855م قد أحصى النصارى، فوجد عددهم لا يقل ولا يزيد عن مائتان وسبعة عشر ألف نفس (217000)، بينما كان تعدد كل سكان القطر المصري في ذلك الحين خمسة ملايين من النفوس"، وبالتأكيد البطريرك اعتمد على كشوف دفاتر تعد أصل لتلك الدفاتر، التي اعتمدها النصارى اليوم في تقدير عددهم.
والذي يظهر من إحصاء البطريرك الذي تم من مائة وأربعة وخمسين عامًا، أن نسبتهم كانت لا تتعدى 4.34%؛ وبالتالي فإن الإحصاءات الرسمية التي تجري اليوم لو أظهرت أن نسبتهم تصل إلى خمسة أو ستة أو حتى سبعة بالمائة فلا مجال للادعاء بأنها لا تظهر العدد الحقيقي للنصارى، فما الدافع إذًا لتكذيب الإحصاءات الرسمية، فإن نسبتهم على هذه التعدادات تشير إلي زيادة في النسبة بمقدار مرة ونصف تقريبًا خلال مائة وخمسين عامًا، بما يعني إن كان الشعب المصري قد زاد خلال هذه الفترة 16 مرة، أي من خمسة ملايين إلى ثمانين مليون فإن النصارى قد زادوا خلال نفس المدة بمقدار 24 مرة، أي من مائتان وسبعة عشر ألف إلى ما يزيد على الخمسة ملايين قليلًا.
وعلى هذا فتلك الأرقام التي تتحدث عن عشرة ملايين واثني عشر مليونًا وخمسة عشر، إنما هي أرقام من وحي الخيال إذ يلزم من ذلك أن تكون زيادتهم كانت بمقدار من 50 إلى 80 مرة خلال مائة وخمسين عامًا تقريبًا؛ وعند هذا الحد أترك للقارئ الفرصة؛ ليجنح كيف يشاء بخياله ويتصور كم يلزم لكل نصراني أن ينجب حتى يصلوا لمثل هذا العدد، مع افتراض أن نسبة الوفيات بينهم صفر، وأن الجميع كان في سن صالحة للزواج والإنجاب، ولم يكن بينهم عقيم أو من لم يتزوج أو أي شيء من العوائق التي تقع في سبيل التكاثر والإنجاب، فإن انتهى من ذلك فليعد الإبحار من ثانية مع أخذ العوائق المذكورة آنفًا في الحسبان، ومع الأخذ في الاعتبار أن انخفاض نسبة الوفيات في الأطفال بصفة عامة، لم تحدث إلا في الأربعين عام الأخيرة نظرًا لتحسن الأحوال الطبية.
ثم ليعد الثالثة مع الأخذ في الاعتبار أعداد الذين يتركون النصرانية ويسلمون لله رب العالمين، ثم ليتصور بعد ذلك كيف أن المسلمين زادوا 16 ضعف، وهم الذين تقضي تشريعاتهم في مجال الأسرة بما يسمح بالتفوق في الحفاظ على النسل، من حيث الحث على الزواج، والسماح بأكثر من زوجة والمنع من الرهبنة، على العكس من النصرانية التي تمتدح الرهبنة التي لو ركبتها أمة من الأمم لكان مصيرها إلى الزوال مع مرور الزمن.
الأحد الثاني من رمضان، تاجر نصراني يتحدث للـ بي بي سي فيكشف عن مفاجأة كبرى!! الضباط الذين قاموا ليلة الثالث والعشرين من يوليو لم يكن بينهم قبطي، وكأن هؤلاء الضباط كانوا ذاهبون لنزهة نيلية مثلًا، ألم يتصور مصيرهم لو فشلوا إن أفضلهم حالًا من كان سيكتب خطاب استعطاف واسترحام للملك والاحتلال؛ حتى يُخلى سبيله ليعيش بقية حياته صعلوكًا يتكفف الناس، إن مثل تلك المهام لا يدعى لها فهي ليست أفراح توزع فيها الحلوى، ولكن يقتحمها الرجال ويفرضون أنفسهم فيها ويصنعونها.
ولكن مادام صاحب العقل لا يريد أن يميز، فلنطلعه على ما دونته لويزا بوتشر في كتابها تاريخ الأمة القبطية (4/369): "أنه بعد الحوادث العرابية بزمن؛ زار أحد السياح الإنكليز الكنائس القبطية التي في وادي النطرون؛ فوجد فيها صورة صلاة شكر لله باللغة العربية كان الأقباط يتلونها في الكنائس تذكارًا لله على مجيء الإنكليز".
إن هؤلاء الضباط كان هدفهم هو إخراج الإنجليز من مصر، وخلع الملك من خلال تنظيمهم السري، فهل يمكن بعد ذلك ضم الذين يسجدون شكرًا على احتلال مصر لهذا التنظم السري، وإن لم يكن هذا يكفي نقول وما أشبه الليلة بالبارحة
تقول بوتشر (4/353): "أن البطريرك كيرلس الرابع الملقب بأبي الإصلاح، كان يرفع تظلمات شعبه إلى الإنكليز الذين كان يخشاهم سعيد باشا الخديوي في ذلك الحين، ويخشى بأسهم ويحافظ على عدم تكديرهم".
يفعل ذلك بسعيد حفيد محمد علي، الذي يقول يعقوب نخلة صاحب كتاب تاريخ الأمة القبطية في حقه: "بأن الأمة القبطية لم تظهر في عالم الوجود ثانية إلا منذ أيام محمد علي، جد العائلة الخديوية".
وتقول في خاتمة كتابها: "ومعظم الأقباط ممتنون من الحماية التي يتمتعون بها في عصر جلالة ملكتنا فيكتوريا، والمترجم الذي كان يعلق عليها في كثير من المواضع لم ينطق ببنت شفة على أي من هذه المواضع، كفاية أم أنه لا يذكر أنه في زمن الاحتلال قدم مشروع مد امتياز قناة السويس لمجلس الأمة، الذي رفضه عدا عضو واحد وهو سميكة باشا سكرتير البطريرك حينها، وعضو المجلس الملي.
أم لا يدري أن بطرس غالي حين كان رئيسًا للوزراء، كان موافقًا على منح سيناء لليهود لإقامة وطنهم بها، وأن الذي حمى مصر الوطن وعرقل ذلك المشروع، هو دولة الخلافة العثمانية بالرغم من ضعفها وهشاشتها في ذلك الحين، دولة الخلافة التي تسمى بالاحتلال التركي، ولكن أين صاحب العقل الذي يميز.
هذا موضوع لم أكن أحب الحديث فيه ولكن غياب العقل قد اضطرنا لمثل هذا، عمومًا سنغلق ذلك الملف الأسود وكأن شيئًا لم يكن ولكن بشرط أن يميز صاحب العقل وإلا فالملف مازال به الكثير.
نصيحتي للأقباط:
أن يعيشوا في الوطن الواقعي
وأن يندمجوا فيه،
لا أن يعيشوا في الوطن الافتراضي،
لتكن مصر وطنًا يعيشون فيه
لا الوطن الذي يعيش في خيالهم،
خاليًا من الآخر.اهـ
ـــــــــ
وكانت هذه نهاية المقال
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل